بتكوين 2025: عام “الاحتياطي الاستراتيجي” والاشتقاقات المهيمنة… وكيف تتحرك باينانس داخل المشهد
منذ مطلع 2025 وحتى سبتمبر، تحوّلت بيتكوين وسعر البيتكوين من “أصلٍ يهيمن على عناوين الأخبار” إلى أصلٍ يُعاد تعريفه سياسيًّا وتنظيميًّا. السبب؟ قرارات حكومية جريئة في الولايات المتحدة، زخم صناديق المؤشرات المتداولة (ETFs)، تصاعد تاريخي في صعوبة التعدين والهاشريت، ونقلة في قواعد إدراج صناديق الكريبتو بالبورصات الأمريكية. وسط كل ذلك، واصلت باينانس (Binance) توسيع خدماتها المؤسسية ومنتجات الإقراض والهامش، ومحاولات ترسيخ الامتثال والحوكمة عبر شراكات خارجية.
1) الولايات المتحدة تُقنّن “احتياطيًا استراتيجيًا” لبيتكوين: نقطة انعطاف
في 6 مارس 2025، وقّع البيت الأبيض أمرًا تنفيذيًا بإنشاء الاحتياطي الاستراتيجي للبيتكوين مع مخزون للأصول الرقمية الأخرى المُصادَرة، على أن يُدارا بميزانية محايدة ودون بيع البيتكوين الحكومي (المصادَر) إلا وفق قواعد محددة. هذا الإجراء منح بيتكوين “هيبة احتياطي” تُشبه الذهب من حيث المبدأ، ورسّخ سردية “الأصل الاستراتيجي” على مستوى دولة كبرى. لاحقًا، ناقش مشرّعون وقادة الصناعة تفاصيل التنفيذ وآليات الحوكمة في جلسات واستماعات عامة. الأثر في السوق كان معنويًا ومؤسّسيًا بامتياز: الاعتراف الرسمي عزّز ثقة الصناديق والشركات والخزائن المؤسسية.
هذه الخطوة لم تكن معزولة؛ فقد سبقتها وتبعتها نقاشات موسّعة في واشنطن حول نطاق الاحتياطي وشفافية إدارته، مع تسريبات وتقديرات عن حجم البيتكوين المُحتفَظ به في عهدة الحكومة الفدرالية (عشرات أو مئات الآلاف من البيتكوين عبر مصادرات سابقة). بغض النظر عن الأرقام الدقيقة، المهم هو انتقال بيتكوين إلى خانة أصول الاحتياط لدى دولة مُصدِّرة للعملة الاحتياطية العالمية — وهي نقلة رمزية واستراتيجية في آن.
2) طفرة تنظيمية في وول ستريت: بوابة لدفعات ETF جديدة
في 18 سبتمبر 2025، وافقت هيئة الأوراق المالية الأمريكية (SEC) على معايير إدراج عامة لمنتجات السلع المتداولة بالبورصة في ناسداك وCboe وNYSE Arca؛ ما يعني تسريع إدراج صناديق كريبتو جديدة دون المرور بكل مرة عبر مسار 19(b)(1) الثقيل. عمليًا، يُنتظر “سيل” من المنتجات، بينها صناديق متعدّدة الأصول، وقد يصبح إدراج فئات أوسع من الأصول الرقمية ممكنًا كلما نضجت أسواق العقود الآجلة المنظمة. هذا التغيير يهم بيتكوين مباشرة لأنه يوسّع الطلب المُنَظَّم ويُسهّل على المستثمر المؤسسي الوصول إلى التعرّض السعري.
تدفقات صناديق بيتكوين الفورية بقيت حسّاسة لتصريحات الفيدرالي: يوم 18 سبتمبر سجّلت الصناديق صافي سحوبات يومي بعد سلسلة تدفقات إيجابية، فقط لأن نبرة الفيدرالي بدت أكثر حذرًا رغم خفضٍ للفائدة. العلاقة الواضحة: كلما تحسّنت توقعات السيولة والسياسات النقدية، تحسّن مشهد التدفقات؛ والعكس صحيح.
3) شبكة بيتكوين: صعوبة تعدين وهاشريت بأرقام قياسية
على السلسلة، سجّلت بيتكوين قممًا تاريخية جديدة في صعوبة التعدين خلال أغسطس وسبتمبر، بالتوازي مع هاشريت يتخطّى عتبة 1 زيتاهاش/ث (متوسط 7 أيام). هذه القمم تعكس سباق تحديث الأساطيل لدى المُعدّنين واعتماد معدات أكثر كفاءة، لكنها في المقابل ضغطت على ربحية التعدين مع بقاء الهاش برايس منخفضًا. الخلاصة: الشبكة أقوى وأكثر أمانًا، لكن هوامش المُعدّنين أضيق، ما يدفع إلى دمجٍ وتسارعٍ في تحديث العتاد.
كما تُظهر متابعات الصناعة أن سعر الصعوبة ارتفع إلى نطاق 136–142 تريليون في سبتمبر (مع تقديرات بمزيد من الزيادة في التعديل القادم)، ما يُعدّ امتدادًا لسلسلة ارتفاعات منذ يونيو. هذا كله يُعزّز صلابة الشبكة ويُطمئن حاملي بيتكوين على المدى الطويل، حتى إن تأثّر السعر على المدى القصير.
4) قابلية البرمجة: نقاشات “OP_CAT/BIP-420” إلى الواجهة
تقنيًا، عاد المجتمع لمناقشة إعادة تقديم OP_CAT عبر مقترح BIP-420 كترقية ناعمة (Soft Fork) قد توسّع من قابلية برمجة سكربتات بيتكوين، وتفتح الباب أمام عقودٍ مقيّدة (covenants) وتفاعلات أكثر تعقيدًا على الطبقة الأساسية. لا توافقًا نهائيًا بعد، لكن مجرد وصول النقاش إلى هذه المرحلة يُظهر نضجًا تقنيًا ورغبة في تحقيق توازن بين البساطة/الأمان والوظائف الجديدة — مع التأكيد أن أي تفعيل سيتطلّب إجماعًا مجتمعياً ومعدّنين واقتصاديات عقد.
في الخلفية، تستمر الـOrdinals/BRC-20 في تحريك الرسوم وتغذية نقاش “الأولوية” على السلسلة، فيما قدرة شبكة Lightning شهدت تقلّبات خلال 2025 (هبوط بالـBTC المقاس على القنوات، لكن مع استمرار استخدامات مؤسسية/تجارية ونموّ مقاس بالدولار مع ارتفاع السعر). الصورة المعقّدة هنا: الاستخدام يتطوّر نوعيًا حتى إن تراجعت بعض المقاييس الكمية الاسمية.
5) أين تقف باينانس في 2025؟
أ) توسعة المنتجات المؤسسية والاقتراض بالضمان
على مستوى العروض، واصلت باينانس توسيع برنامج VIP Loan بإضافة أصول قابلة للإقراض والضمان بشكل متكرر في الربعين الثالث والرابع من 2025 — وهو ما يخدم صناديق التحوّط، متداولي المشتقات، ومكاتب الخزائن المؤسسية التي تحتاج سيولةًا مرنة مدعومة بأصول كريبتو. هذه السياسة تعكس توجّهًا مؤسسيًا واضحًا لدى باينانس.
ب) شراكات للحفظ الخارجي وتعزيز الثقة
خطوة لافتة كانت شراكة مُبلغ عنها مع بنك BBVA للسماح بحفظ الأصول خارج المنصة (off-exchange custody) — وهي آلية تهم كبار العملاء الذين يفضّلون الفصل بين المنصة والتخزين، وتخدم متطلبات الامتثال والحوكمة. للشراكات المصرفية هذا وقع مهم في أوروبا وأمريكا اللاتينية، بالنظر إلى حساسية الجهات الرقابية.
ج) الحصة السوقية والمشتقات
بيانات أبحاث السوق في 2025 تُظهر أن المشتقات — وأبرزها العقود الدائمة (Perps) — باتت تُشكّل القسط الأكبر من تداول بيتكوين هذا العام، وأن باينانس مع Bybit وOKX تستحوذ على النصيب الأعظم من الفوائد المفتوحة في هذه العقود. هذا يعزّز دور باينانس كبنية تحتية للسيولة العالمية، خاصة مع بقاء حصتها قويّة في التداول الفوري أيضًا. للمستثمر المحترف، يعني ذلك عمقًا سعريًا أفضل وتكلفة تنفيذ أقل، لكنه يضيف كذلك تعقيدًا للمخاطر مع انتشار الرافعة المالية.
د) سياق تنظيمي متغير
شهد 2025 تحولات تنظيمية واسعة في الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي. تُبرز تقارير إخبارية مساعٍ لإعادة هيكلة قواعد الكريبتو في أمريكا، بينما في أوروبا يتواصل شدّ وجذب حول MiCA وآليات “جواز السفر” التنظيمي. بالنسبة لباينانس، تعني هذه الخلفية ضرورة التموضع المحلي في كل سوق، ومواصلة الحوار مع الجهات التنظيمية، وهو ما تؤكّده تصريحات الإدارة العليا.
6) السلوك السعري في 2025: دور الماكرو والـETFs
سعريًا، تحرّكت بيتكوين في نطاقات من ستة أرقام بالدولار خلال الربعين الأخيرين، مع اختبارات متكررة لمنطقة 110–120 ألفًا بالتزامن مع تدفّقات/سحوبات صناديق بيتكوين الفورية وتوقعات خفض الفائدة. أمثلة منتصف سبتمبر تُظهر حساسية مباشرة لقرارات الفيدرالي وتواصله: خفضٌ للفائدة مع توجيه حذِر يكفي لقلب صافي التدفقات اليومية إلى سلبية. الخلاصة العملية: الماكرو يحكم — السيولة الرخيصة تدعم شهيّة المخاطرة، والعكس صحيح.
7) ما الذي يعنيه ذلك للمستثمرين والمتداولين؟
- تقنين رسمي غير مسبوق: اعتبار البيتكوين أصلًا احتياطيًا استراتيجيًا في الولايات المتحدة هو سابقة تُشجّع صناديق التقاعد والجهات السيادية والشركات على سياسات خزائن تُراعي التعرّض لبيتكوين عبر قنوات منظمة (ETFs أو احتفاظ مباشر بكاستودي مرخّص).
- ثورة صناديق الكريبتو: معايير الإدراج العامة الجديدة قد تعني توسعًا سريعًا في المنتجات (من المفرد إلى المتعدد الأصول)، بما يخلق طبقة طلب مؤسسية أوسع وأكثر تنوعًا. هذا إيجابي للسيولة، لكنه يزيد حساسية السعر لأخبار السياسة النقدية والتنظيم. Investopedia
- شبكة أقوى… وهوامش أضيق للمُعدّنين: قمم الصعوبة والهاشريت تمنح أمانًا أعلى للشبكة، لكنها تدفع نحو تحسين الكفاءة واندماجات في صناعة التعدين، وتزيد دور الطاقة الرخيصة والإدارة الاحترافية للمخاطر. للمستثمر طويل الأجل، هذه إشارات نضج.
- اشتقاقات تقود السيولة: بما أن المشتقات تمتص غالبية أحجام بيتكوين في 2025، فمن الضروري للمتداولين فهم طبقات المخاطر المرتبطة بالرافعة والتمويل (Funding) وحماية الهامش، والاختيار بين منصات ذات عمق وسيولة وامتثال أعلى — وهنا تبدو باينانس لاعبًا رئيسيًا.
- برمجة بيتكوين على المدى المتوسط: إن مضت ترقية BIP-420/OP_CAT قُدُمًا، سنرى بيئة أكثر ثراءً للتطبيقات على بيتكوين (جسور أكثر أمانًا، تداولات على السلسلة، تعهيدات/قيود على المخارج)، لكن الإجماع والاختبارات أسباب تمهّل، لذا لا تُبنى استراتيجيات قصيرة الأجل على ذلك قبل وضوح خارطة الطريق.
8) أين يستفيد القارئ من باينانس عمليًا؟
- وصول مؤسسي: برامج مثل VIP Loan وتوسيع قائمة الأصول القابلة للإقراض والضمان تمنح صنّاع السوق ومديري الخزائن أدوات مرنة لإدارة السيولة والمراكز.
- الحفظ المنفصل (Off-Exchange Custody): الشراكات البنكية (مثل BBVA) تضيف طبقة ثقة وتأمين حوكمي، وتخدم متطلبات مراقبين في بعض الولايات القضائية.
- مركز أخبار وبحوث: قنوات “Binance Square/Research” تُلخّص سريعًا تأثيرات قرارات الفائدة والتدفقات المؤسسية على سوق بيتكوين، ما يسهّل مواكبة الزخم.
خلاصة
عام 2025 هو عام ترسيم بيتكوين: احتياطي استراتيجي أمريكي، معايير إدراج تفتح الباب أمام جيلٍ جديد من صناديق الكريبتو، شبكة أقوى من أي وقت، واشتقاقات أصبحت القناة الرئيسية للسيولة. في المقابل، يظلّ المسار محكومًا بـالماكرو (الفائدة والسيولة)، وبحوارٍ تنظيمي مستمر داخل أمريكا وأوروبا. ما فعلته باينانس هذا العام — بين خدمات مؤسسية، شراكات حفظ، وتوسيع منتجات — يُشير إلى سباق لتلبية طلبٍ محترف يتزايد على بيتكوين كأصل احتياطي واستثماري في آن.